السبت، 31 مايو 2014

عنوان مدونتي ، وردّ والدي



ليس والدي من محبّي التدوين أو متابعيه ، غير أن جديد مدونتـي يصله عن طريق والدتـي العزيزة . كانت أولى ملاحظـاته ودهشتـه عنوان مدونتي ( عَن الْحَيآة , لَمْ يُخبرنِي وآلدي ]•~  ) . تعجّب والدي ووجه سؤاله إلى أمي - التي أوصلت إليّ ذلك -سائلاً عن سبب هذه التسمية ! . أخبرته أمي بأنني تُــرِكْتُ لهذه التجربة تعلمنـي ، أخوضهـا للمرة الأولى ، لا أعلم ما سأواجه فيهـا ، تقسو عليّ وتعلّمنـي أكثر مما يمكن أن يُحْكـى أو يُخَطّ ، وكانت تقصد بهـا [غربتــي] . حسناً أظنـها أصبحت موطناً الآن .

كان حكيماً من والدي أن يجيب بأن ما أهداه إلى صغيرته هو أساسيات الحياة والتي لربما كانت تمثل كل شيء في حياتهم القديمـة المختلفة عن حياتنـا كلياً . وأضاف أنه لم يغترب قط ، وأن التجربة التي أخوضهـا حالياً هي تجربة جديدة في عائلتـي كونـي الابنة الكبرى . لذا فلا يعتقد بأن هناك ما يستطيع تعليمي إياه سوى نصائح عامة لا تمتّ للغربة بصلة دقيقة . لكن لو نظرت إلى الحقيقة فإن والدي علمنـي الكثير ، لكن ليست المعرفة بالحياة من الأشياء التي تأتي عن طريق التعليم التلقيني ، بل بخوض غمار التجربة ! على الأقل هذا موقفي أنا منهـا الآن .

وأودّ أن أخبرك والدي / أنك علّمتنـي الكثير ، وأن الغربة ليست هي الحياة ، إنما هي فقط حياة صغيرتك حالياً ، لا أكثر  . الثقة التي أهديتني إياه لعَيْش هذه التجربة هي مفتاح معرفتي ، فلا تقلق عليّ حتى من قسوتهـا ، لأنهـا ستخلق مني شخصاً أقوى ، لربما طفلتكـ  هُنـا تنضج بسرعة أكثر مما ينبغي ، ولكنني أعتقد أنني الآن لا أخشى أي أنواع [الكفاح] بمفردي . فقط اطمئن والدي الحبيب .   =)



خطـطـته : 30 مايـــو لـعام 2014 _   11.50م

















الأربعاء، 14 مايو 2014

مذكرة(عملية جراحية)



أخبرتنــي أمي عن الحوار الذي دار بينهـا وبين طبيبي ، لربمّا لم يكن كل ما أخبرتني به دقيقاً إذ من الصعب لطفلة عمرها ستة أعوام أن تستوعب كلاماً مماثلاً . الأهم فيما قالت أن عملـيتي الجراحية ستكون بعد انتهاء هذا العام الدراسي ، أي قبل أن أبدأ الصف الأول الابتدائي . 


رغم خوف الأطفال الذي اجتاحني إلا أنني دائما ما كنت أشعر بالحماس لكل تجربة جديدة ، ولربما ذاك الشعور هو مَنْ بثَّ لعقلـي خيالات - لا صحة لهـا - عن التجربة الجديدة والتي تبدو ذكراها مضحكة للغاية  .


 أول يوم لي في المستشفى كان مليئاً بالصَّرَخات الطّفولية الحقودة على الأطباء والعاملين في المستشفى ، أتذكر  الممرضة الهلباجة التي أرادت أن تكسبني بغباء ، قبل إعطائي تلك الإبرة المخيفة والتي لا أعلم ما فائدتهــا . أتذكر جيدا كلماتهـا " شوفي هدى ، تشوفي هذا؟ . "تقصد محلول الإبرة " هذا ماي .. أنتِ كل يوم تشربي ماي صح ؟! " قلت بحذر طفولي يستغبي الممرضة " متأكدة أنه ماي؟" .. قالت " أنت شو تشوفيه؟"لم أعرف كيف أُجِب ، مظهره يوحي لذلك بالفعل ، لكن هل يعقل أن يكون ماء في إبره !! .. كانت تدور في بالي هذه الأفكار بصمت . 

أجلستني الممرضة على سرير ذات فراشٍ ناصع البياض .. أمسَكَت بيدي ، تناظرها الممرضة الأخرى بالقرب مني . خاطبتني الممرضة الأولى "
 شوفي الساعة" أشارت إليها في الجهة المقابلة. 

رأيتهـا ، كانت ساعة حائط عادية جداً ، فالتَفَتتُ إلى الممرضة وكأنني أقول لها (
يا للعبط ) . أضافت"شوفي الساعة عشان أخلص وأنت ما تحسي بشيء " . على غفلتي البريئة بدا لي الأمر حقيقي . بدأت أراقب عقارب الثواني تيك توك تيك توو آآآآآآآآه .. انغرس طرف الإبرة في يدي ، كم كان مؤلماً ! .. سقطَتْ دموعي كأي طفلة صغيرة وصرختُ باكيةً بكلَّ قوة أملكهـا في وجه الممرضة " كذااااابة ، كذااااابة قسم بالله تقولي ماي ما يعور " تدخّلَت الممرضة الأخرى ممسكةً بي  .حاولت الممرضة الأولى أن تنهي الأمر سريعاً . وما لبثت أن أخرجت الإبرة حتى انهالت عليها الضربات من يديّ الصغيرتين ، وكانت ضحكاتُهـا على شراستي البريئة تزيدني طاقة للاستمرار في( التكفيخ ) " يااا الشريرة ما زينة ، كلكم ما زينييييين بخبر عليش عمي بدر " العبارة التي سمعهـا كل الأطباء ، عمي ( بدر ) البطل المنقذ لاسيما أنه الطبيب الوحيد الذي أشعر معه بالأمان .

أتساءل أين كانت أمي حينهـا ، لكنني لا أجد الجواب ، لا أتذكر لِمَ كنت لوحدي مع الممرضتين . هناك الكثير من الحلقات المفقودة في هذه الذكرى . لا أتذكر الكثير عن هذه الليلة إلا أنني قد نُقِلتُ إلى القسم مع والدتـي وأخبروني أن عمليتي ستكون ف اليوم التالي . 


كنت في قمة هدوئي تلك الليلة بجوار والدتي . علّ أمي لم تكن تعرف ما يستره صمتي إلا أنه لا يخفى على أمي عقلي الذي يفكر بشكل غريب كما تصفه  .
 سألتني أمي كما أتذكر "
 هدهد الحلوة .. شو فيك؟ " . أَجَبْتُهَـا إجابة لربما كنت أصف فيها ما كنت أتخيل أنه سيحدث في الصباح الباكر ، ولكنني طفلة صغيرة تمر للمرة الأولى بهذه التجربة ، لذلك شعرت بشيء من الخجل منعني من إخبار أمي الحقيقة الكاملة ، إذ خال إلي أن ما أفكر به سيكون مضحكاً لربما ، فأنا لا أعرف ماذا سيحدث ! . أجبت والدتي " عاد باكر بيعذبوني هذيلا الدكاترة .. خليهم يفرحوا" . تحركت أمي حركة خفيفة " ليش يعذبوك ! ما يعذبوك حبيبتي " . صمتت حينهـا ، لم أستطع أن أصف المشهد المرسوم في مخيلتي لأمي ، بيد أن ذلك كان مضحكاً ويستحق التذكر، إذ لم أكن أعرف غرفة العمليات حتى ، كنت أتخيل عدد هائل جدا من الأطباء يلتف حول السرير الذي كنت أرقد عليه ، عدد كبير منهم إلى درجة أنني لا أرى أي شيء حولي سوى بياض ملابسهم !وكنت أرى أياديهم المقفّزة تنهال علي جميعهـا . والمعدات الطبية وكأنها تتطاير هنا وهناك لكثرة تبادلهم إياهـا . وأنني كنت أنظر إلى وجوههم المغطاة بالكمامات الطبية في خوف شديد  .
لم أقل شيئا لوالدتـي بعد ذلك . أغلقت جفنيّ أناشد النوم باختطافي . حتى أفقت مرتعبة على الصوت الذي تصدره الستائر عندمـا كانت الممرضة تسوّر بها سريري . أهدتني الممرضة ابتسامة مريحة وأخبرتنـي أنهـا ستحقنني بإبرة مخدرة . لم أرفض ولم أصرخ وإنما أمسكت أمي بكل قوّتي وكأنني فقط أفرغ الرعب الذي ينتابني تجاه ألم الإبرة . انتهت النوبة ببعض الدموع ، وأظنني أعتبرها نهاية محمودة خالية من النحيب والتهديد الدائمين  .

  مفعول التخدير كان كفيلاً بسكون كل جزء من جسدي باستثناء عينيّ . كلّما انسدل طرفي أيقظتني خطوات ممرضة ، همس طبيب  ، أو لربما ما هو أبسط من ذلك . أحسست فجأة بسحب شديد للسرير الذي قد نقلت عليه من غرفتـي ، ظننت أنني سأدخل المكان الذي ستُجْرى فيه العملية ، إلا أننا اتجهنـا إلى قسم آخر ، بدؤوا بنقل طفل آخر إلى جانبي ، وفور لمسه أصدر صرخآت هزّت أركان القسم ثم بدأ يبكي بكاءً لم أشهد بكاء بقوته ، نظَرْتُ إلى أمي مرعوبة ومصدومة ، أدْرَكَتْ تعَجّبي فأجابت عليه " منكسر وبيسووا له عملية " . لم أتفوه بكلمة . تركت جسدي يسترخي بعد مقاومتـي لمفعول التخدير حد الإنهاك .

لا أذكر بعد ذلك إلا عبارة الممرضة التي استقبلتني فور استيقاظي " نامي هدى بعدنـا ما خلصنا " . رأيت الطاقم في غرفة العمليات ، كان عددهم بسيط . أدركت وجود بعض الأقطاب على صدري موصولة بأسلاك ، لا أعلم ما فائدتها . أعدت رأسي إلى السرير ولا أعلم ماذا حدث بعد ذلك . إلا أنني أدركت انتهاء المعاناة فور رؤيتي لوالدتي في القسم عند استيقاظي للمرة الثانية .
#هدى_سيف












السبت، 10 مايو 2014

أمنية مهجورة !


أمنيتـي المهجورة
دائما ما تستثيرني مشاعري للتدوين ، أناملي تبتدئ لا إرادياً ، إلا عندمـا تخنقنـي عُبْراتكِ ، وتحّفني ذكراكِ  ! لا أعلم ماذا أقول وكيف سأعبّر . أبدأ في النَّسْج و لكنني أعجز عن الاسترسال فيه ، أصبح عاجزة عن التعبير عن خلجات نفسي ، دون أدنى تفسير لذلك .

أمنيتي المهجورة
ها هي الساعة تشير إلى الثالثة صباحاً ، لم أرح جسدي ولم أسدل طرفي حتى الآن . أمرّ على قائمة الأسماء في هاتفـي فلا أجد من أثرثر له ، لأنكِ ببساطة لا يمكن أن تكوني محور حديث بين طرفين . أنت أمنية مسجـونة بداخلي . ليس قسوةً مني ولا حُكْماً عليك بالوأد ، إنما هو مجرد وعد في ليلة جميلة ، لا أستطيع النكث به .

أمنيتي المهجورة
هل تعلمين أنني تخلّيت عن الكثير من الذكرى لنسيانكِ . اهتزازات هاتفي . خواطري المعتوهة ، زوايا غرفتي وقطع أثاثها ، جميعها تخلصت منها بطريقة أو بأخرى . لكنني لم أستطع التخلص من ديسمبر . ديسمبر الغبي ، ديسمبر الموحش . بل الشهر الجميل . يا لي من ضعيفة !

أمنيتي المهجورة
هل تعلمين أنهـا المرة الأولى التي أبتدئ فيها الكتابة عنكِ  - أو ربما لكِ – وأصل إلى هذا العدد من الأسطر . لربما مصارحتكِ كانت الأفضل ، مصارحتك بأن اسمكِ لوحده كافٍ لخلق أنثى عاجزة ! ليس لأنني بالفعل عاجزة ، ولكن لربما الذكرى العصيبة ، الواقع المرير ، أو المنفى الذي أرسلتك إليه في كياني غصباً ، هي من تهيمن على لحظات ذكراكِ.

أمنيتي المهجورة
أشعر بأنني بدأت – كعادتي - أفقد قدرتي على إكمال الكتابة رغم أنني أملك الكثير لإخباركِ وليتكِ تسمعين ، لا أطلب منك الحديث بتاتا ، فقط أنصتي ، لعلّ إنصاتك يزيح جزءا يسيرا مما أحمل لكِ ، من الشوق ، من الذكرى !

أمنيتي المهجورة
وكأن الضعف بدأ يظهر علي ، وليس الضعف من الصفات التي تروقنـي ، أظنك تدركين كبريائي ! ولكنني كذلك أجزم أن حنيني المكتوم لا يخفى عليكِ!

أمنيتي المهجورة
لا أعلم كيف سأكون غداً في محاضراتي بعد هذا السهر الطويل ، فقط أرجوكِ دعي حُلمي وشأنه ولا تقاطعي لحظات إنجازي ، أبقي مهجورة ، منفية ، لا أمل ولا رغبة في استعادتك !

كلا ، لم أقصد العبارة الأخيرة !


أمنيتي المهجورة
اعذريني ، لا أظنني سأسمح للحنين أن يكون أكثر من مجرد حروف ! بالفعل لا أظنني سأفعل ! حقيقةً أعني حروفاً ممطرة من مقلتي ! شكراً لأنكِ كنتِ مصدر سعادة في يوم . شكراً من القلب .
 



خططتــه : 9/5/2014م