السبت، 14 يونيو 2014

مواقفنا مع الخمور في الغربة


 

1)     الساعة العاشرة مساءً ، أثناء مذاكرتي سمعت طرقا على باب الشقة ، تعجّبت ، لا أعتقد أننا ننتظر أحدا ! لربمـا ( أشواق ) تنتظر طلباً من KFC   ؟!!؟ على أية حال لم آبه للموضوع حتى طرقت ( أشواق ) باب غرفتي وأخبرتنـي أن هناك صوت فتيات من خلف الباب ، طرقنه عدة مرات . توجهت لباب الشقة وقفت ملتصقةً به فسمعت خطابهن الهامس بلكنتهن الدينيماركية .  ارتديت سريعا ما يسترني وفتحت الباب فإذا بها فتاة شابة ترتدي فستان سهره خفيف فاتن تسدل شعرهـا الأسود وعلى وجهها بعضاً من مساحيق التجميل بدرجة بسيطة كعادة فتيات الغرب في أي سهرة . كما كان بصحبتهـا أيضا فتيات شقراوات يستندن على باب الشقة المجاورة . مدّت يدهـا حاملةً زجاجة نبيذ تطلب مني فتحها . أعتقد أن دهشتي كانت واضحة وأنا أنظر للزجاجة ، لا أعرف حتى كيف أفعل ذلك ، وأعتقد أنها لا تُفْتح باليد لأن لها غطاء غريب الشكل . سألتهـا بخجل " وكيف أفعل ذلك !" لم أترك لها المجال للإجابة لأنني أدرك كيف أن الأمر سيبدو غريبا لها فأكملت " نحن لا نشرب ، لذا لا أعرف كيف أفعل ذلك  ، أعتذر "  . كان على وجهها شي من التعجب ولكنهـا شكرتنـي وغادرت .





2)      في أحد المحلات التجارية الكبيرة كنا قد تسوّقنـا بمبلغ كبير ؛ وتفاجأنا بمجموعـة من الخمور مقدمـة لنـا كهدية . أخَذَتْ صديقتـي تنظر إليَّ وتبتسم ، وأنـا كذلك . اعتَقدَت المحاسبة بأننا لم نفهم الموضوع فأعادت لنـا عبارتها . وما زلنـا أنا وزميلتـي نناظر بعضنا البعض . ثم أعادت بلغتهـا المالطية بدلا من الإنجليزية " inbid " وهي نفس الكلمة العربية إلا أن النطق يختلف قليلا . فضحكنـا وأخبرنـاها بأننا نفهم ما تقول لكننا لا نحتسي أي أنواع الخمور . شكرناهم على ذلك وتركنا هديتهم لهـم .





3)      عند زيارتـي لإيطاليـا في فبراير 2014 أخَذَنَـا أحد المرشدين إلى Mount Etna  وهو بركان نشط في شرق صقلية يكتسي بالثلوج خلال فصل الشتاء بسبب ارتفاعه الذي يبلغ أكثر من ثلاثة آلاف متر . كان ضمن برنامج الرحلة زيارة مزرعة تَسْتَخْدِم فاكهتهـا في صنع الخمور ، وهي من أروع أنواع الخمور في أوروبا استنادا لكلام رفيقنـا (إتسيو) الذي كان يمتدح تلك الخمور بشكل خيالي في بداية الرحلة ، بعد كل ذلك الإطراء سأل يتأكد ما إذا كنا جميعنا نحتسي الخمر وقد خابت ظنونه عندمـا أجبنا -نحن الفتيات الأربع من أصل ست فتيات – بالنفي . خلال وجودنا في Etna كان يحاول بكل الطرق إقناعنـا بتجربة الخمور التي تنتجها تلك المزرعة  ، كان لحوحاً في طلبه وتأكيده بأنها فرصة العمر وقد لا تتكرر هذه الزيارة  ولكنّ رفضنا كان أشدّ . قبل أن ننهي جولتنا في (إتنـا) سألنـا " هل موضوع الخمر هذا يمس دينكم!! فلا أعتقد أن شيئا آخرا سيجعلكم تقابلون هذا الإلحاح الشديد بالرفض " تفاجأنا حينهـا أنه لا يعلم عن الإسلام شيئا. وأجبنا على سؤاله بإيجاب ، فما كان بمقدوره قول شيء آخر .

#هدى_سيف
13يونيو 2014 




الخميس، 12 يونيو 2014

حُلم وشريط ذكريـات



اليــوم أنـا في غايـة سعادتـي، وحمداً كثيرا لك يا رب !
سعيدة عندمـا تذكرت أن غداً لدي اختبار لأنني طالبـة في كلية حلمي ، أقصد كلية [الطب] .اختبار الغد أعاد إلي مواقف قديـمة بدأت أسردهـا على ذاكرتي . مواقف لو قصصتهـا على حُلمـي لأصبح متيماً بي . تلك الموقف أكثر ما يجعلنـي أغمض عينيّ لأتذكر طفولتـي ، مرّت سريعـة ، لكنّهـا مرّت بي [حالمـة] ، وأسعـى لما أحلم ؛ لذلك هي مخلّدة . لا أسمح لأحد أن يصف كلماتي بالمبالغة ما لم يذق طعم السعي لأمـاني راسخة . سعي لا تتعبه سنين ، لا تهزّه كلمـات ، ولا تنهكـه خيبات ماضية.

شريط الذكريات ذاك أعادنـي إلى مواقف تخلق ابتسامة لا إرادية . أتذكر يوم أمي أخبرتنـي - عندمـا صُمْتُ رمضان للمرة الأولى عام 2004 - أن دعاء الصائم أثنـا إفطاره لا يُرَدّ . بثّت المعلومة فينـي فرحـة ، كنت أستغل أكثر من نصف وقت الإفطار للدعاء ، حتى ما بقي دعاء في الدنيا إلا ودعوت به ، ولكن كان في مقدمـة ذلك حُلمي الصغير وهو أن أصبح طبيبة ، يا ربي أُقْسِمُ أن هذا الحلم الصغير هو حُلم غريب ، لا أعلَم لما أعشقه رغْم أنه أصبح حلماً بطريقة عجيبة لا إرادية . بدأت أحسب "كم رمضان متبقي حتى الصف الثاني عشر !! " فقط لأكثف الدعوات كلـما اقترب الصف الثاني عشر والذي يعتمد عليه جزء كبير من حياتي . هلّ سأصل يا رب ؟! هل سأصل !
بدأت أقضي وقت الإفطار بنفس الطريقة في كل عام ، وأسأل نفسي نفس السؤال بعد كل شهر رمضان "  كم رمضان متبقي حتى الصف الثاني عشر !!" حتى بدأ شهر الرحمة الأخير قبل الثاني عشر في عام  2012 . كانت تجتاحنـي مشاعر غريبة لا أعتقد أنهـا [قابلة للوصف] ؛ لأنني قضيت سنوات طويلة أرتقب الرحلة الجديدة والمُنتَظَرة التي ستبدأ .


أتذكــر موقف آخر لي ، موقف غريب . اختبارات الثاني عشر - كعادة كل سنة  - تبدأ بعد اختبارات كل الصفوف الأخرى . في كل السنوات التي سبقت عامي الثاني عشر كنت في إجازتي بعد الاختبارات أنتظر بدء اختبارات الثاني عشر ليبدأ ( اَلـــزّام ) الليلي قبل كل اختبار للثاني عشر . احصل على نسختي من جداول اختباراتهم ، وقبل كل اختبار أصحو بمفردي بعد منتصف الليل أدعو الله دعاء عبد لحوح ، عبد متذلل ، دعاء أرسل فيه لله من دموعي ومشاعري ما لا يردّ من غزارته بأن يوفِّق طلاب الثاني عشر في اختبار اليوم التالي . رغم أنه غالباً لا علاقة ولا صلة قرابة لي بأي طالب من طلاب الثاني عشر إلا إنها كانت عادة لا أَمَـلُّ منها لأنني كنت أعلم أنني سأحتاج للدعاء عندمـا أكون في نفس الموقف وفي نفس المكان . عندما بدأتُ اختباراتي في عامي الثاني عشر في المدرسة تذكرت كل تلك اللحظات ، وقلت " عسى أن يُسخّر الله من يدعو لنـا ". وإن لم يكن هنـاك من يكلّف على نفسه عناء الاستيقاظ ليلاً للدعاء لنـا – كما كنت أفعل – إلا أن دعاء أمي كافٍ .




أتذكر  كذلك الأيام التـي كنت أتخيل فيهـا يوم القبول وأنه لم يتم قبولي في كلية الطب وأبدأ بالبكاء وكأن الموقف حقيقي ، وبعد أن أُشْبـِع رأسي ألماً من شدة البكاء أتذكر أنه مجرد خيال لا أكثر ؛ فاسخر من نفسي ،  ومن ثم أعتذر لله وأقول " يا رب ما أقصد أن أسيء الظن بك ، أنت تعلم أن ثقتـي كلهـا (بك)، وما أنتظر شيئاً إلا منك وحدك ، يا رب هذا الحُلم ليس كباقي أحلامي ، ارزقنـي فرحةً به يا رب ، رجوتك " .




أمـا اليوم فـأنا خرّيجة منذ عام ، أنا موجودة بجانب حُلمـي . أنـا من أصبحْتُ أبكـي عدة مرات شهرياً من قسوة الدراسة ، أو من حرارة حنيني للديار ، ومن ثم أتذكر أنه حُلمـي وأتذكـر كل تلك المواقف القديمة ؛ فـأبتسم . حَلمتُ كثيرا ، وما زلت أحلم ، لأنني أجد الأحلام أجمل من الواقع ،ولكنني أسعى لهـا لتنتصب على أرضه  . ثم أَحُلـم من جديد .
#هُدى_سيف
خططــته /  12 يونيو لـعام 2014 


 

الثلاثاء، 3 يونيو 2014

الفتاة البريطانية واللغة العربية



تدوينــة بعنوان (كيف نقتل لغتنا العربية خلال 150 سنة فقط؟! ) لحكاية نفر :

ذكرتني بموقف حدث قبل بضعة أيام مع فتاة بريطانية مسلمـة ، أقبلت عليّ أثناء مذاكرتـي في الجامعة ، رأيتهـا محجبة محتشمة فظننتهـا عربية . وقفَتْ أمامي فباشرت بالحديث مع ابتسامة خفيفة ( أهلاً ، تفضلي) لكنهــا ردّت بلغتهـا الإنجليزية Do you speak English? أجبتهـا بإيجاب فجَلَسَتْ وتبادلنـا حديثا لطيفا يمتد للنصف ساعة .



بعد أن غادرت ما كان يتبادر إلى ذهني سوى سؤالهـا عن ما إذا كنتُ أتحدث الإنجليزية ، أتحدث لغتهــا . نعم أنـا أتحدث لغة قومهـا ، اللغـة العالمية التي أصبح من لا يتحدثهـا يـُصَــف بالجهل ، قد يصعب عليه التعامل مع الكثير من العاملين في بعض المحلات التجارية ، المطاعم ، المطارات ، وأي مكان عام آخر حتى وإن كان في بلادنـا العربية .



تساءلْتُ بفضول عن شعورهـا تجاه ذلك ! تجاه لغتهـا التي أصبح العالم أجمع يتحدثهـا ؟ أي فخر وأي اعتزاز يتملّكهم ؟ لغتـهم هي المقرر العلمي الأهم في أي مدرسة ، جامعة ، أو أي صرح تعليمي آخر حول العالم ، المتطلب الأساسي لأغلب الوظائف والتعاملات ، حتى أنها احتوت لغتنـا الطبية !



أين لغتـي ؟! أين عربيتي ؟! أين لغة القرآن من ذلك ؟! العربية ليست عاجزة وليست مستهلكة لكــنها ببساطة غابت ، أقصد غُيِّــبت بسبب أبنائهـا . قد أعجز عن رمي سهام الاتهام على جيل معيّن ، ولكن رغم ذلك فتراكمـات كل جيل في موضوع مماثل يجعل مشكلة لغتنا – بل مصيبتها – تتفاقم !!!! لا أود أن اسأل عن الحل فإني أخشى أن لا يُجاب عليه !!


#هُـدى_سيف