الأحد، 4 أكتوبر 2015

أطير بأجنحة جديدة ~



~
  
 
...    !


مضى اليوم شهر ..
مضى علينا .. وبنا ..
بل " بـك" و بـ كل شيء جميل ..
بالتفاصيل الغير مألوفة ..
بأحلام مشتركة .. تكبرني قليلاً وتكبر عقلي وما اعتدت عليه دوماً ..
بدأَت ملامح تلك الأفكار التي نبذتُها طويلاً تتضّح شيئا فشيئا ..
 أشعر وكأنني كنت أخشى لذّتها ..  
حُلوةٌ هي
حُلوة حدّ الثمالة 

بدأت أشعر بأنني أكبر ..
أكبر ولا أنضج ..

الجنون أصبح أجمل عندما صار تشاركياً ..

حتى تحمّل الأحاديث المكررة من الحاسدين لم يعد أمر مزعجاً ..
الغربة لم تعد لاذعة كما اعتادت أن تكون ..
ولا اكتئاب الوصول ..

كلّ الجَمَال أضحـى أجمل ..
وكل السوء غدا أقلّ وطأة .. 


 شكراً قَدَري ~

~   
...    !  
في الرابع من أكتوبر لعـام 2015 م 




الخميس، 30 يوليو 2015

أمنيتـي المهجورة ،، للمرة الأخيرة


أمنيتي المهجورة ..  

اليوم .. اليوم فقط واليوم بالتأكيد .. انتهيتِ كلياً .. تحطمتْ ذرات الأمل الذي ليته لم يكن يوما بداخلي . تحطمتِ أنتِ وتحطم شيء من بناء داخلي ومن نفسي . اليوم علمتُ جيدا – بحزن -  بأنك لم تكوني مهجورة بصدق ، بأن قلبي كان مليء بك ، كلي مليء بك وبذكرياتك التي تبعث على السخرية . اليوم .. والآن بالذات اشعر برغبة عميقة بحذف كل تلك الخواطر في مدونتي .. وتلك الكثيرة التي خبأتها بين جنبات ملفات حاسوبي وفي دمي .. كل الصور والذكريات ، وحتى أجزاء الخيالات التي تلفّ وتلفُّ وتلفّ ع عقلي دون تعب  . التي تدور وتعود رغم اليأس الزائف ورغم الغضب تارات كثيرة ~

أنتِ انتهيتِ اليوم بالفعل،. انتهيت ولا مجال للتراجع . انتهيت وتلاشت الكثير من ذكريات مراهقتي معكِ . انتهيت ولا اعلم ما الذي سأفعله بالآلاف المؤلفة من تلك الصور اللعينة . انتهيت اليوم وأصبحتُ أتعجّب كيف أمضيت أكثر من سبع سنوات من مراهقتي في مهزلة كمثلك . انتهيت وليتك لم تكوني في عالمي يوماً . وليت كل هذا القهر الذي أسرده هُنا سيخمد شيء من اشتعالاتي الكثيرة ، كثيرة بحجم لا مبالاتك وإهمالك والكذبات العظيمة التي تذكرنـي بك .

لأكون منصفـة فقد انتظرتُ أن يأتـي هذا اليوم لأتخلص من الألم الحتمـي الذي تمكّن مني حتى اللحظة ، لكنـني ما توقعته أن يكون بهذه الطريقة ، ولا بهذه السرعـة الغير عادلة .. لم أتوقع أن كتابة هذه الرسالـة الأخيرة لك سـ تنهَشْ مني بهذه الطريقـة ، ولا أن تكلفنـي كل هذا الدمع . وآخر ما توقعتـه أن أبحث بنفسي عن عقد تحالفنـا لأجد أنه انتهـى .. وانتهينـا .

أشعر بالكثير من العجـز ، والتعب وكل شيء سيء . علمتُ طوال انتظاري بأن ذلك سيحدث تماماً كما أعلم بأن كل ذلك سينتهـي مثلما انتهت كل الأزمات والدموع واللحظات العاطفية الصعبة الأخرى . كل ما أريده أن أتعافى سريعاً ثم سيعود كلٍّ لمجراه .

دائما تبقى ثرثرتي في هذه الأوراق البائسة بلا أدنى فائدة سوى أننـي بحاجة لكتابة كل ذلك كما اعتدت.... لا أكثر .

 إليك أمنيتي للمرة الأخيرة ، الأخيرة فعلاً : ابقي بخير ،، والسلام  .


هدى
في الثلاثين من شهر ميلادي لـ 2015 .



الأربعاء، 1 يوليو 2015

نــشوة حمـآقآت



عندمـا باتت تمرّ علي الساعـة الثانية عشـر كـكل ساعات اليـوم الأخـرى ، عندمـا لم يعد النظر لـ لحظة تغيّر التاريخ الميلادي خلالـها جزءاً أساسياً من يومي ، عندمـا لم أعد أنتظر منتصف كل شهـر هجـري ، وعندمـا لم أعد أبكي ما إذا فاتتنـي لحظة تأمل البدر والحديث إليه في تلك الليــلة ..... صرتُ أخشى عليّ .!~


كانت تلك الاهتمامات الساذجـة بالنسبة للآخرين تعنـي لي الكثيـر . العديد من الحماقات تنتشلنـي من روتين الحياة الرتيبة ، ترسلـني بنشوة عارمـة لأعانق سماء كيانـي الخاص الذي لطالـما أحببته وأحببـت كونـه خفيّ . أحببت أن أعيش دوماً في عالمـي الذي لم أسأم وصف الآخرون له بـ"الغريب" ، شغفـي بكل الأشياء البسيطـة وفرحـي الجامح بها  ، كلّهـا كانت مصدر حياة ~


تأمل البدر ، وتغيّر التاريخ عند انتصاف كل ليلـة ما كانت ولن تكون مجرد لحظـات ليلية عابرة . هي جَذَل ووحدة جميلة ، حتى سكـونهـا ليس كأي سكون آخر ، ولا عظمة الحديث إلى بدر يمكنهـا أن تكون لأي حديث . سنوات جمعتنـي بالبدر عزّزت بيننا روابط وأواصر حميمة للغاية . كنت دوماً على يقين بأنّ لا قدرة لأحد على انتزعهـا أو هتك ستر روعتها . لكننـي لا أدري ما الذي يحدث !! أعلـم جيداً بأن روحي ما زالت مشغوفة بأنفاس اليوم الأخيرة وتغير التاريخ ، كمـا أعلم أنهـا ما زالت تتوق لاكتمال القمر كل شهر ، لكننـي ما زلت أجهل ما إذا كان تعب الأيام يجبرها على بصق مصادر سعادتهـا والتضحية بالجمال الذي تحبه .


لم تشخ روحـي بعد ولم يكبر الطفل الذي بداخـلي كمـا أَعِد بأننـي لن أدعه يفعل . لسنـا بحاجـة لأن ننفذ مهامنـا اليومية برتابة وقلق وتوترات الحياة المعتادة . لسنـا بحاجـة لأن نكبر وندع السواد يطغى على أحلام واهتمامات كانت دوماً " نحن" ، ما زلنـا بحاجة للروح اليانعـة التي تذكّرنـا بنا ، ما زلنـا بحاجة إلى الماضـي الذي كنّا عليه مهمـا تلاشت الراحة أو تبددت أوقات الفراغ .




في الأول من يوليو لعام 2015 










الأحد، 14 يونيو 2015

أمي لا تخافي ، الله معي


#تخيلات

 - 2 -

استقبلتُ رقّتها وأحضانهـا الصغيرة بابتسامة كلّهـا حياة ، هممت برفع حقيبة ظهرهـا عندما فاجأتني بقولها " أنا أصبحتُ قويةً يا أمي ، سأضعها بمفردي" . لم أنبس ببنت شفـه ، راقبتهـا وهي تتجه إلى أريكة غرفة الجلوس وتقف على أطراف أصابع قدميها لتضع حقيبتهـا من على ظهرهـا إلى الكنب . نَظَرَتْ إليّ بفخر وعيناها تعلن انتصارها وكأنها تقول " أرأيتِ ؟" . لم أفهمْ ما الذي يدور في ذهنـها ولكنني بقيتُ أنظر لها مبتسمـةً .قالت بفرحٍ غامر " سأخلع حذائي بنفسي أيضاً" ، بقيتُ ساكنة صامته أشاهد أفعالهـا وفرحتها التي لم تكن بهذا الحجم عندما أوصلتـها إلى الروضة صباح اليوم.


سألتُهـا بفضولٍ " ما الذي حدث مع الأميرة الجميلة اليوم ؟ " قالت بسرعة وكأنها تودّ اختصار كل الأحداث " ليس الكثير ..." ثم اتسعت حدقت عينها وهي تكمل بشهيّة كبيرة " ولكن أمي أنا أصبحت قوية اليوم ... أقصد منذ اليوم " . " وكيف حدث ذلك !" أجابت بنفس الشهية " تقول المعلمة أن المؤمن قوي دائماً لأن الله معه " . كبُرت ابتسامتـي وعلامات التعجب في رأسي ، قلت لها متسائلة " وهل تعرفين من هم المؤمنون ؟ " رفعت حاجبيها وحرّكت رأسها بإيجاب ، ثم وكأنها أدركت شيئاً آخر فأمسكت بيدي تداعبهما وتقول " أنا لا أعرف الكثير عنهم أمي ، ولكن أعلم أنني منهم . ألستُ كذلك ؟" . لا أعلم ما حقيقة المشاعر التي انتابتني عند سماع هذا الحديث ولكنني أسرعت بالإجابة " بلى ، منهم "  =) .



كلام مُعلمتهـا كان ناقوساً لا يصمت ، يتردد على دماغها منذ لحظة عودتها من الروضـة وحتى المساء . جعلهـا تصطنع قُوى أعلم جيداً بأنهـا ما زالت لا تملك أياً منها . ردَّدَتْ على مسمعي طوال اليوم أزواجاً من العبارات والاقتراحات والتساؤلات والأمثلة ، كلّهـا تدور حول مدى قوتهـا ومدى عناية الله بهـا . " أمـي ، أنا لن أشعر بالخوف عندما تقلع الطائرة في رحلتنا القادمة " ، "أمي ، ما من داعِ لمعاتبة أبي عندما يُضاعف سرعة السيارة فالله معنا أليس كذلك ؟" ، " أمّي ، هل أنام لوحدي في غرفتي اليوم ؟ أنا لم أعد أخشى الظلام" ، "أمـي ، لنجرب تلك اللعبة المخيفة في الملاهي في المرة القادمة ، أعدك أننـي لن أبكي عندما تزداد سرعتها " ، "أمـي سأمتطي جواداً لوحدي عند زيارتنا لمزرعة خالتك في المرة القادمة " .


واصَلَتْ سكب عباب عباراتهـا وتساؤلاتهـا بيْد أننـي لم أُعِدّ بعد أي تفسيرات أو إجابات ، كنت أنبس بالكلام ؛ فلم أكن على استعداد لشيء يشبه ما يحصل اليوم مع صغيرتـي . لا أعلم ما إذا كانت محض ردة فعل لمعلومة اليوم ! أم أنهـا أمست تشعر بأننـا يمكن أن نفعل كل شي دون أن نخشى على أنفسنا !! كيف أحدّثها عن موضوع متشعّب كهذا !! كيف أخبرهـا بأن ليس كل ما يدور في رأسها جزء مما قالته المعلمة  !!  شعرت بالقليل من القلق عليها يتسرّب إلى داخلـي ، كما شعرت بأنني بحاجة للقليل من الوقت مع نفسي قبل إعادة الحديث معها في ذات الموضوع .


في المساء تأهبنا سوياً للنوم ، اصطحبتُها إلى غرفتِهـا التي لم تمضي فيها ليلة كاملة حتى اليوم . قبّلتُ وجنتهـا ، أطفأتُ الأضواء وهممْتُ بالخروج على أمل أن تبدأ ابنتي مرحلـة لا تخشى فيها النوم وحيدةً ، بيد أننـي لم ألبث أنْ أُغلق الباب عندما نادت عليّ "أمي...." نظرتُ إليها فقالتْ بترددٍ " هلْ أنام معكِ ؟" ، سألتها " أليس الله معك ؟" أمسكتْ بمخدتها الزهرية و دميتها المخملية وقالت وهي تتجه نحوي " بلى ، ولكن سأشعر بأمان أكبر عندما تكوني أنتِ والله معي " .

انتهــــى


14.06.2015
#هدى_سيف














مريض السرطان

 #تخيلات
 - 1 -


في صباح هذا اليوم الكئيب ، كنت مجبرة – لأول مرة - أن أبث لأحد مرضاي خبر إصابتـه بالسرطان . استلمت أوراق نتائج فحوصاته على مرأى منه ، بدأت بتمعنـها دون أن يخطر على بالـي أنني سأكون في تلك الهيئة التي كنت عليهـا في غضون لحظات من البدء بقراءة الفحوصات . شعرت بأن ملامحـي أشعلت في داخله الذعر قبل أن أخبره بمضمون هذه الوريقات الثقيلة . اضمحلال ملامحـي ، ألوان وجهـي ، اتساع عيني ، كلّهـا امتصت باقي ذرات الصبر التي كان يتمسك بها مريضي ليطرح سؤاله عليّ " ما الأمر ؟ أخفتني يا "دكتورة " !! " كنت أعلم حينهـا أنْ لا منجى من إخباره ، لكننـي كنت أبحث عن طريق ، عن وسيلة تسعفنـي لأمتلك هذه الشجاعـة . في الوقت ذاته كانت أفكاري تختلط مع الخوف من زرع هلع أكبر فيه إن تشبثت بصمتـي لأكثر من ذلك . ماذا أقول لك يا ياسر !! حتى وإن كانت الآمال لا تنعدم لاستئصال هذه الأمراض إلا أن اسمه لوحده مخيف ! ولربمـا سيبدو أكثر وحشية لشابّ في عمرك !
كان لساني يتعثّر ، كنت أحاول تكوين جمل مفيدة وأسال نفسي أمن المفروض أن أبتسم كما اعتدت أن أفعل عند الحديث مع مرضاي ! قطعت كل الخيوط التي تشبك أفكاري ببعضهـا ، قررت أن أنسى كل شيء وابدأ الحديث واترك لله أمر مساعدتـي .
بدأت بإخبار ياسـر أن من المجحف في حق مشاعره أن أطمئنـه بهذه البساطة ، ولكن علاج المرض الذي يشكو منه ليس بمستحيل . أخبرتـه أننـا سنبدأ بعلاجه منذ اللحظة ، وأننـا لن نيأس ، ونعلم أنه لن يفعل أيضاً . أخبرتـه أنها أزمـة ، جاءت لترحل بإذن الله ، سنتخطاها سوياً بهدوء ، بصبر ، بآمال لن تنضب .


ياسر كان يتنفس بإيقاع غير منتظم ، كان ينظر في عينيّ بعمق ، لا أعلم ما الذي كان يفكر فيه ، ولكنه سألنـي " هل أنا مصاب بالسرطان ؟ " .!!!! ورغم المقدمة الطللية التي ألقيتهـا ، ورغم الشجاعـة التي شعرت أنها بدأت تتملكنـي ، إلا أن كلمة " نعم " لم تجد مخرجاً لها من حنجرتـي  ، اختنقَتْ بهـا مشاعري وأفكاري . كنت أحرك عدسة عيني بعشوائية ، أشعر بوخز في رأسي ، أطرافـي باردة ، بل كلّي بارد  .

للحظة شعرت بشيء ما يبدد كل المشاعر والأفكار ؛ لأقول فجأة لياسر " هيا يا ياسر دعْنـا نبدأ  " وقفت وألقيت على ناظريه ابتسامة هشّة ، تبعتني خطواتـه التي شعرت بأنها أقل ثقلاً من خطواتـي ، أراحتني تمتمته بـ  "الحمد لله " .


انتهــــى

06.06.2015 
#هدى_سيف

الأحد، 26 أبريل 2015

مذكّـرة / اليوم الأخير ~


اليوم هو اليـوم الأخير لي في عمــان ، سأغادر ضنك عند الثانية بعد انتصاف الليل متوجهة إلى مطار دبي . كان الوضع بائساً كـعادة كل الأيام الأخيرة في عمان ، كان بائساً حد السآمة من كل الأيام التي تسبق السفـر . ( ..............)  أمــيرة جاءت لغرفتـي لحظة بدئي في ترتيب حقيبة السفر صباحاً ، تسألني / هل من الضروري أن تغادري اليوم ؟ ............ صمتي كان ردة الفعل الأولى ، تألمت جداً للأمـانة ، على وجه الخصوص أن " أميرة " هي من تسأل هذا السؤال ، إذ أجدها أكثر شخص لم يستطع التكيف مع فكرة بُعدي عنهـم حتى الآن ...


لم أعرف كيف أجيب . أجبتها بأن عليّ المغادرة الآن لأننـا سنستأنف الدراسة ، وطمأنتهـا أنْ سأبقى لمدة أقصر بكثير من السابقـة والتي قد امتدت لسبعة أشهر ، كمـا أضفت بأننـي عندمـا أعود لإجازة الصيف سأمكث فترة طويلــة في عمان تمتد لثلاثة أشهر.
لم أرى في عينيهـا أي جبر لانكسار قلبها الصغير بل قالت بيأس : ابقي هُنـا لشهرين ، ثم لا ضير إن رحلتي بعدهـا . أجبتهـا رداً على ذلك أنْ سوف لن تلبث أن ينقضي الشهران اللذان تكلمت عنهمـا إلا ويكون قد اقترب موعد عودتـي وسأكون بقربهـا بعد ذلك وسنستمتع بكل اللحظات سوياً . كنت أجمع كل هذه الكلمات بضعف على أمل تخفيف القليل ممـا تشعر به لكنهـا – وبهدوء حركتها - غادرت غرفتـي بعينين لامعتين دون أي كلمـة  ، اعتصر فؤادي وجعاً . أعلم أنهـا غادرت لتفادي انهمار دموعهـا الغزيرة أمــامي ، كما أعلم أنهـا تفرغهـا في مكان ضيق الآن بعيداً عن الأنظار . ربّــــــــــــي ..  ما الذي فعلته أنـا بهذه الطفلة الصغيرة !!


،

لاحظت لاحقاً أنهـا تتفادى الجلوس في المكان الذي أكون فيه ، لا تريد حتى أن تنظر في عينيّ . لأكون صادقـه أنـا أيضاً شعرت بعدم قدرتـي على ذلك رغم أننـي كنت أودّ التحدث معهـا ، لا أستطيع المغادرة وهي على هذا الحال . كل ما كنت أسمعـه في كل ساعـة من عاملة المنزل أن أميرة تبكـي سألْـتُها لأكثر من تارة / لِمَ تبكي أميرة ؟  .. كانت تومي إليّ برأسهـا وحركة شفاهها أنهـا لا تعرف السبب . كنت مكتوفة الأيدي ، أفكاري متعطلة كليّاً ، أجيب على الأحاديث بأنصاف عبارات ، أنفاسي تطول لتُهَدِّئ سرعة الخفقات ، ابتسامات باهتة تشبه تلك التي نتصنعها لحظات المجاملة .

~

توجهت باحثة عنهـا عند العاشرة مساءً احتضنتها ودموعهـا العفيفة لأتحدث معهـا . سألتها لِمَ البكاء ! أخبرتهـا أن هذه المرة لن تختبر نفس التجربة الماضية ، هذه المرة سيكون انتظارها أقل ، طلبت منهـا الاهتمام بدروس الروضـة لتنشغل ويمر الوقت سريعاً . أخبرتهـا أن الصيف سيكون جميلاً ،سنقرأ سوياً كل ما تحب ، سنقضي وقتاً أجمل ممـا يخيل لها ، سأنصت للحكايات الكثيرة بشغف وسنلعب كمـا لو أننـي أجهل عمري . ما كان يجيبني منها سوى إيماءات رأسها القليلة . حدّثتهـا لوقت ليس بالقليل حتى سكنت مشاعرهـا وحتى اطمأننت أنا على سلام روحها الذي لن أسمح لأي شيء أن يسلبه منها .

ناظرتهـا من بعيد وهي نائمـة لحظة مغادرتـي ، ضميري أوصى الجميع عليهـا .
كوني بخير حبيبة قلبي  



هدى سيف 
أَلـَـم العاشر من إبريل لعام 2015 _ الجمعة

الاثنين، 6 أبريل 2015

الوسطــــى ~


زيارة سريعــة إلى مكان الطفولة ، إلى ماضي الذاكرة ، إلى مسقط الرأس وأرض المنشأ  ، إلى شغب الطفولة الذي لا تفسير لأحداثه ، إلى باكورة عنفوان المراهقـة ، إلى أصوات الاستهلال الأوّل ، إلى مكان الرفقـة التليدة ، إلى التربة التي لم تــَـنسى خطواتنـا بعد ، إلى الأسوار التي لم تحتكر فوضانا ، إلى الأيام التي لم تـَـعرف الرتابة ، إلى زوايا تــَـصْدُق في سرد شقاوتنــا ، إلى الماء و الخضرة و الجمال ، إلى ( الوسطـــى ) .


ما أن أسفرت ملامحهـا حتى ألجــم لسانـي . بانت كحمامة سلام أرسلتهـا الذكرى البعيدة لتردّ صدى الأربعة عشر سنة التي قضيتهـا هُنـا . ذكـَّرتنـي بمصائب الطفولة المدسوسة حتى الآن ، بالأسرار البريئة ، بالجرائم الطاهرة والدموع الكاذبة . ذكّرتني بالأسباب التافهـة التي كانت تبكينـا هاهُنـا . ذكرتني بالعمر الطفولـي الذي أَشْـتَاقُ تفاصيله المنحوتـة في رأسي ، وبكل علاواتـه التي لن تـــُمْـنَـح لنـا من بعد .


ذكّـرتنـي بالنزاعات والتهديدات التي لا تنتهي ، بسبب آثار أقدامنـا الصغيرة على الأرض الرطبة ، بسبب خروجنا عند انتصاف النهار صيفاً ، بسبب الدمار الذي تسببه بعض لحظات استمتاعنـا ، بسبب رفضنـا للنوم باكراً .


ذكّرتنـي بألعابنـا المجنونة وطاقتنـا التي لا تنفد . ذكّرتنــي بانزلاقاتنـا من أعلى السلالم ، بسجلات الطبيب التي نكتبهـا على الورق الملون والأدوية منتهية الصلاحية التي نجمعهـا . ذكّرتني بلعبة بيت بيوت التي تحوّل غرفة جدتي إلى مخيمات لاجئين ، ذكّرتنـي بكل الألعاب التي لا أعرف كيف اخترعناها وكيف تشابهت مع ألعاب أطفال العالم .


ذكّرتنـي بـ (قصر البستان) الذي احتكرناه لأنفسنـا في نهاية المزرعة الشاسعة ، وللحظات حزنـنا التي قضيناهـا فيه تقليداً لأطفال الأفلام . ذكّرتني بالجبل وقسمـاته ، بالصخور العملاقة التي تُكوّن بدايته وبهشاشتهــا في قمّــتـه ، خبراء نحن في ذلك .


ذكّرتنـي بكل الأشخاص الذين استفرغنا طاقاتـهم ، بجدتي وصوابهـا الذي أفقدناها إياه دومًا . بكل محاولات خالتـي لالتقاط صوره لنا لا تخجل أن تريهـا لزميلاتهـا ، وبشريط الفيلم الذي احتوته كاميرتها العتيقة  . ذكّرتنـي بوعود أبي بحرماننـا من الوجبات التي نتأخر عليهـا والتي لم تسمح له طيبته أن يفي بأي منهـا . ذكّرتني بكل شيوخهـا الذين فقدنـاهم . ذكرتني بكل الأشرار الذين يشون بنـا عند أمـي عندمـا تزعجهم أصوات حماسنـا وشغبنـا ساعات اللعب مع أطفال الحي .


زيارة كنت أحتاجهــا لتنشيط ذاكرتـي ، لاستثارة مشاعري ، لمقارنة حاضري بماضي ولتذكير روحـي أن الحاضر سيغادر . أخبرتنـي هذه الزيارة أن الحياة في " الوسطى " لا تشبه غيرهـا ، وأشعرتنـي بشيء من الحزن تجاه أخواتـي الصغيرات اللائي لم تسنح لهن تلك الحياة أن يمارسن ولا حتى جزءً بسيطاً من شعائرها .





هدى سيف

في السابع من إبريل لعام 2015  ~
12.45AM



الأحد، 22 فبراير 2015

صـُــوَرٌ ~

! ، ~



















وبعضهــم ، لا يدرك كم أنّنـا لا نود أن تلتقي به أبصارنا ، لا يعلم كم ترهقنـا صُوَرُه ، لا يـعلم كم نحارب ثوان الذاكرة لحجب ملامح أطيافه ، لا يَعِي الكمّ الهائل من عثرات (الاشتياق له) نعارك لنمضي بخير . ولا يعلم إلى أي درجة تنتهي بنـا تفاصيل وجهه من إحساس بالفشل في التناسي ، في المضي ، وفي التظاهر بالقوة .

هي ليست مجرد صورة . هي ذكرى (ضحكة) نتنفسهـا ، هي حياة يهبهـا (صوت) للمهجة الضعيفة . هي (نبره) تَصِلُ المشاعر ببعضهـا في صمت قاتل . هي (تضحية) ، هي (كتمان) ، هي (كبرياء) أزلي . هي الكثيـــــــر مما ترعاه دواخلنـا عن بَرْد الكون .  لكنهـا هي (الوعود) المتعبة أيضا ، هي (الأعذار) اللا متناهية ، هي المشاعر البكماء ، والدموع الحارقة ، هي الدرب التي لا تنتهي ولا تُعرف نهايتهـا . هي النبض الضعيف ، والشهقات التي لا تحتويهـا سوى ظلمـة الليل . هي الآاآاه . هي الأنين الخفي  . 


هي أنت بكل التفاصيل الماضية .




في الخامس والعشرين من يناير لعام 2015 م  ~