زيارة سريعــة إلى مكان الطفولة ، إلى ماضي الذاكرة ، إلى مسقط الرأس وأرض المنشأ ، إلى شغب الطفولة الذي لا تفسير لأحداثه ، إلى باكورة عنفوان المراهقـة ، إلى أصوات الاستهلال الأوّل ، إلى مكان الرفقـة التليدة ، إلى التربة التي لم تــَـنسى خطواتنـا بعد ، إلى الأسوار التي لم تحتكر فوضانا ، إلى الأيام التي لم تـَـعرف الرتابة ، إلى زوايا تــَـصْدُق في سرد شقاوتنــا ، إلى الماء و الخضرة و الجمال ، إلى ( الوسطـــى ) .
ما أن أسفرت
ملامحهـا حتى ألجــم لسانـي . بانت كحمامة سلام أرسلتهـا الذكرى البعيدة لتردّ صدى
الأربعة عشر سنة التي قضيتهـا هُنـا . ذكـَّرتنـي بمصائب الطفولة المدسوسة حتى
الآن ، بالأسرار البريئة ، بالجرائم الطاهرة والدموع الكاذبة . ذكّرتني بالأسباب
التافهـة التي كانت تبكينـا هاهُنـا . ذكرتني بالعمر الطفولـي الذي أَشْـتَاقُ
تفاصيله المنحوتـة في رأسي ، وبكل علاواتـه التي لن تـــُمْـنَـح لنـا من بعد .
ذكّـرتنـي
بالنزاعات والتهديدات التي لا تنتهي ، بسبب آثار أقدامنـا الصغيرة على الأرض
الرطبة ، بسبب خروجنا عند انتصاف النهار صيفاً ، بسبب الدمار الذي تسببه بعض لحظات
استمتاعنـا ، بسبب رفضنـا للنوم باكراً .
ذكّرتنـي
بألعابنـا المجنونة وطاقتنـا التي لا تنفد . ذكّرتنــي بانزلاقاتنـا من أعلى
السلالم ، بسجلات الطبيب التي نكتبهـا على الورق الملون والأدوية منتهية الصلاحية
التي نجمعهـا . ذكّرتني بلعبة بيت بيوت التي تحوّل غرفة جدتي إلى مخيمات لاجئين ، ذكّرتنـي
بكل الألعاب التي لا أعرف كيف اخترعناها وكيف تشابهت مع ألعاب أطفال العالم .
ذكّرتنـي بـ
(قصر البستان) الذي احتكرناه لأنفسنـا في نهاية المزرعة الشاسعة ، وللحظات حزنـنا
التي قضيناهـا فيه تقليداً لأطفال الأفلام . ذكّرتني بالجبل وقسمـاته ، بالصخور
العملاقة التي تُكوّن بدايته وبهشاشتهــا في قمّــتـه ، خبراء نحن في ذلك .
ذكّرتنـي بكل
الأشخاص الذين استفرغنا طاقاتـهم ، بجدتي وصوابهـا الذي أفقدناها إياه دومًا . بكل
محاولات خالتـي لالتقاط صوره لنا لا تخجل أن تريهـا لزميلاتهـا ، وبشريط الفيلم
الذي احتوته كاميرتها العتيقة . ذكّرتنـي
بوعود أبي بحرماننـا من الوجبات التي نتأخر عليهـا والتي لم تسمح له طيبته أن يفي
بأي منهـا . ذكّرتني بكل شيوخهـا الذين فقدنـاهم . ذكرتني بكل الأشرار الذين يشون
بنـا عند أمـي عندمـا تزعجهم أصوات حماسنـا وشغبنـا ساعات اللعب مع أطفال الحي .
زيارة كنت
أحتاجهــا لتنشيط ذاكرتـي ، لاستثارة مشاعري ، لمقارنة حاضري بماضي ولتذكير روحـي
أن الحاضر سيغادر . أخبرتنـي هذه الزيارة أن الحياة في " الوسطى " لا
تشبه غيرهـا ، وأشعرتنـي بشيء من الحزن تجاه أخواتـي الصغيرات اللائي لم تسنح لهن تلك
الحياة أن يمارسن ولا حتى جزءً بسيطاً من شعائرها .
هدى سيف
في
السابع من إبريل لعام 2015 ~
12.45AM
ذكريات جميلة أيتها الكاتبة ، عسى أن تكون طاقة محفزة لحياة مليئة بالإنجازات ^_^
ردحذفبالفعل مكان الطفوله له مكانه خاصه .. ذكريات جميله وكتابه لجمل .. دمتي بود عزيزتي
ردحذفخليتيني اتخيل عمتي وهي تضربكم بالمخمه وسلطان يعاندها بزياده وخاصه وهي تتضح الحوش وسلطان يخرطفلها
ردحذفأيام لن تعود
وع قولت سلطان لو يتنقل البيت بنقلعه وبنقله