الأحد، 26 أبريل 2015

مذكّـرة / اليوم الأخير ~


اليوم هو اليـوم الأخير لي في عمــان ، سأغادر ضنك عند الثانية بعد انتصاف الليل متوجهة إلى مطار دبي . كان الوضع بائساً كـعادة كل الأيام الأخيرة في عمان ، كان بائساً حد السآمة من كل الأيام التي تسبق السفـر . ( ..............)  أمــيرة جاءت لغرفتـي لحظة بدئي في ترتيب حقيبة السفر صباحاً ، تسألني / هل من الضروري أن تغادري اليوم ؟ ............ صمتي كان ردة الفعل الأولى ، تألمت جداً للأمـانة ، على وجه الخصوص أن " أميرة " هي من تسأل هذا السؤال ، إذ أجدها أكثر شخص لم يستطع التكيف مع فكرة بُعدي عنهـم حتى الآن ...


لم أعرف كيف أجيب . أجبتها بأن عليّ المغادرة الآن لأننـا سنستأنف الدراسة ، وطمأنتهـا أنْ سأبقى لمدة أقصر بكثير من السابقـة والتي قد امتدت لسبعة أشهر ، كمـا أضفت بأننـي عندمـا أعود لإجازة الصيف سأمكث فترة طويلــة في عمان تمتد لثلاثة أشهر.
لم أرى في عينيهـا أي جبر لانكسار قلبها الصغير بل قالت بيأس : ابقي هُنـا لشهرين ، ثم لا ضير إن رحلتي بعدهـا . أجبتهـا رداً على ذلك أنْ سوف لن تلبث أن ينقضي الشهران اللذان تكلمت عنهمـا إلا ويكون قد اقترب موعد عودتـي وسأكون بقربهـا بعد ذلك وسنستمتع بكل اللحظات سوياً . كنت أجمع كل هذه الكلمات بضعف على أمل تخفيف القليل ممـا تشعر به لكنهـا – وبهدوء حركتها - غادرت غرفتـي بعينين لامعتين دون أي كلمـة  ، اعتصر فؤادي وجعاً . أعلم أنهـا غادرت لتفادي انهمار دموعهـا الغزيرة أمــامي ، كما أعلم أنهـا تفرغهـا في مكان ضيق الآن بعيداً عن الأنظار . ربّــــــــــــي ..  ما الذي فعلته أنـا بهذه الطفلة الصغيرة !!


،

لاحظت لاحقاً أنهـا تتفادى الجلوس في المكان الذي أكون فيه ، لا تريد حتى أن تنظر في عينيّ . لأكون صادقـه أنـا أيضاً شعرت بعدم قدرتـي على ذلك رغم أننـي كنت أودّ التحدث معهـا ، لا أستطيع المغادرة وهي على هذا الحال . كل ما كنت أسمعـه في كل ساعـة من عاملة المنزل أن أميرة تبكـي سألْـتُها لأكثر من تارة / لِمَ تبكي أميرة ؟  .. كانت تومي إليّ برأسهـا وحركة شفاهها أنهـا لا تعرف السبب . كنت مكتوفة الأيدي ، أفكاري متعطلة كليّاً ، أجيب على الأحاديث بأنصاف عبارات ، أنفاسي تطول لتُهَدِّئ سرعة الخفقات ، ابتسامات باهتة تشبه تلك التي نتصنعها لحظات المجاملة .

~

توجهت باحثة عنهـا عند العاشرة مساءً احتضنتها ودموعهـا العفيفة لأتحدث معهـا . سألتها لِمَ البكاء ! أخبرتهـا أن هذه المرة لن تختبر نفس التجربة الماضية ، هذه المرة سيكون انتظارها أقل ، طلبت منهـا الاهتمام بدروس الروضـة لتنشغل ويمر الوقت سريعاً . أخبرتهـا أن الصيف سيكون جميلاً ،سنقرأ سوياً كل ما تحب ، سنقضي وقتاً أجمل ممـا يخيل لها ، سأنصت للحكايات الكثيرة بشغف وسنلعب كمـا لو أننـي أجهل عمري . ما كان يجيبني منها سوى إيماءات رأسها القليلة . حدّثتهـا لوقت ليس بالقليل حتى سكنت مشاعرهـا وحتى اطمأننت أنا على سلام روحها الذي لن أسمح لأي شيء أن يسلبه منها .

ناظرتهـا من بعيد وهي نائمـة لحظة مغادرتـي ، ضميري أوصى الجميع عليهـا .
كوني بخير حبيبة قلبي  



هدى سيف 
أَلـَـم العاشر من إبريل لعام 2015 _ الجمعة

هناك 6 تعليقات:

  1. مطلب من متطلبات الحياة ، ستكون أميرة بإنتظارك بعد مضي الشهرين
    كتابة رائعة .

    ردحذف
    الردود
    1. بإذن الله سعد ..
      شكرا لوجودك هنا ~

      حذف
  2. أميرة أمس تعد كم باقي قلت لها باقي 56 يوم قالت حشى ماطاع يمر ذا الوقت

    ردحذف
  3. نفس زاهر 😢❤
    "كوا لا تروحي ، بنروح البحر " 💔
    ماشي باقي ، 22 يوم 😌💪

    ردحذف