#تخيلات
- 1 -
في صباح هذا اليوم الكئيب ، كنت مجبرة – لأول مرة - أن أبث لأحد مرضاي خبر إصابتـه بالسرطان . استلمت أوراق نتائج فحوصاته على مرأى منه ، بدأت بتمعنـها دون أن يخطر على بالـي أنني سأكون في تلك الهيئة التي كنت عليهـا في غضون لحظات من البدء بقراءة الفحوصات . شعرت بأن ملامحـي أشعلت في داخله الذعر قبل أن أخبره بمضمون هذه الوريقات الثقيلة . اضمحلال ملامحـي ، ألوان وجهـي ، اتساع عيني ، كلّهـا امتصت باقي ذرات الصبر التي كان يتمسك بها مريضي ليطرح سؤاله عليّ " ما الأمر ؟ أخفتني يا "دكتورة " !! " كنت أعلم حينهـا أنْ لا منجى من إخباره ، لكننـي كنت أبحث عن طريق ، عن وسيلة تسعفنـي لأمتلك هذه الشجاعـة . في الوقت ذاته كانت أفكاري تختلط مع الخوف من زرع هلع أكبر فيه إن تشبثت بصمتـي لأكثر من ذلك . ماذا أقول لك يا ياسر !! حتى وإن كانت الآمال لا تنعدم لاستئصال هذه الأمراض إلا أن اسمه لوحده مخيف ! ولربمـا سيبدو أكثر وحشية لشابّ في عمرك !
- 1 -
في صباح هذا اليوم الكئيب ، كنت مجبرة – لأول مرة - أن أبث لأحد مرضاي خبر إصابتـه بالسرطان . استلمت أوراق نتائج فحوصاته على مرأى منه ، بدأت بتمعنـها دون أن يخطر على بالـي أنني سأكون في تلك الهيئة التي كنت عليهـا في غضون لحظات من البدء بقراءة الفحوصات . شعرت بأن ملامحـي أشعلت في داخله الذعر قبل أن أخبره بمضمون هذه الوريقات الثقيلة . اضمحلال ملامحـي ، ألوان وجهـي ، اتساع عيني ، كلّهـا امتصت باقي ذرات الصبر التي كان يتمسك بها مريضي ليطرح سؤاله عليّ " ما الأمر ؟ أخفتني يا "دكتورة " !! " كنت أعلم حينهـا أنْ لا منجى من إخباره ، لكننـي كنت أبحث عن طريق ، عن وسيلة تسعفنـي لأمتلك هذه الشجاعـة . في الوقت ذاته كانت أفكاري تختلط مع الخوف من زرع هلع أكبر فيه إن تشبثت بصمتـي لأكثر من ذلك . ماذا أقول لك يا ياسر !! حتى وإن كانت الآمال لا تنعدم لاستئصال هذه الأمراض إلا أن اسمه لوحده مخيف ! ولربمـا سيبدو أكثر وحشية لشابّ في عمرك !
كان لساني
يتعثّر ، كنت أحاول تكوين جمل مفيدة وأسال نفسي أمن المفروض أن أبتسم كما اعتدت أن
أفعل عند الحديث مع مرضاي ! قطعت كل الخيوط التي تشبك أفكاري ببعضهـا ، قررت أن
أنسى كل شيء وابدأ الحديث واترك لله أمر مساعدتـي .
بدأت بإخبار ياسـر أن من المجحف في حق مشاعره أن أطمئنـه بهذه البساطة ، ولكن علاج المرض الذي يشكو منه ليس بمستحيل . أخبرتـه أننـا سنبدأ بعلاجه منذ اللحظة ، وأننـا لن نيأس ، ونعلم أنه لن يفعل أيضاً . أخبرتـه أنها أزمـة ، جاءت لترحل بإذن الله ، سنتخطاها سوياً بهدوء ، بصبر ، بآمال لن تنضب .
بدأت بإخبار ياسـر أن من المجحف في حق مشاعره أن أطمئنـه بهذه البساطة ، ولكن علاج المرض الذي يشكو منه ليس بمستحيل . أخبرتـه أننـا سنبدأ بعلاجه منذ اللحظة ، وأننـا لن نيأس ، ونعلم أنه لن يفعل أيضاً . أخبرتـه أنها أزمـة ، جاءت لترحل بإذن الله ، سنتخطاها سوياً بهدوء ، بصبر ، بآمال لن تنضب .
ياسر كان يتنفس
بإيقاع غير منتظم ، كان ينظر في عينيّ بعمق ، لا أعلم ما الذي كان يفكر فيه ،
ولكنه سألنـي " هل أنا مصاب بالسرطان ؟
" .!!!! ورغم المقدمة الطللية التي ألقيتهـا ، ورغم الشجاعـة التي شعرت أنها
بدأت تتملكنـي ، إلا أن كلمة " نعم
" لم تجد مخرجاً لها من حنجرتـي ،
اختنقَتْ بهـا مشاعري وأفكاري . كنت أحرك عدسة عيني بعشوائية ، أشعر بوخز في رأسي
، أطرافـي باردة ، بل كلّي بارد .
للحظة شعرت بشيء
ما يبدد كل المشاعر والأفكار ؛ لأقول فجأة لياسر " هيا
يا ياسر دعْنـا نبدأ " وقفت
وألقيت على ناظريه ابتسامة هشّة ، تبعتني خطواتـه التي شعرت بأنها أقل ثقلاً من
خطواتـي ، أراحتني تمتمته بـ "الحمد
لله " .
انتهــــى
انتهــــى
06.06.2015
#هدى_سيف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق